1000 دولار للتر الواحد.. شجرة تنمو في دولة عربية يقطف منها سائل تتهافت عليه كبرى الشركات العالمية
تختلف قيمة الأشجار باختلاف أهمية ومدى فوائدها ، مثل الجماليات ، مثل خشب الأرز والسرو ، أو الخصائص الطبية والغذائية ، مثل العرق والنخيل.
ومع ذلك ، ونظراً لارتفاع الطلب على زيت العود ، خاصة في الخليج وشبه القارة الهندية ، فإن هناك شجرة نادرة تنتج “الراتنج” أو ما يسمى بـ “خشب العود” ، وهي الأغلى سعراً في العالم.
“الراتنج” أو “العود” له لون أغمق ويوجد في المركز الخشبي لنباتات العود الاسم العلمي “خشب العود” وهو شجرة دائمة الخضرة معمرة يصل ارتفاعها إلى 20 مترًا. ، وموطنهم الأصلي هو جنوب شرق آسيا.
يحتوي العود على زيت لاذع يتشكل عند إصابة الشجرة بعفن يؤثر على قلبها ، ويكون خفيفًا وشاحب اللون نسبيًا ، وينتج مادة الراتنج عند تقدم العدوى.
الرائحة الداكنة ، استجابة للهجوم ، تجعل هذا الخشب كثيفًا جدًا وعميق اللون ، ويطلق على الراتنج اسم خشب العود.
وينصح بعدم الخلط بينه وبين البخور، والذي ينتج من لحاء شجر العود المميز، الذي تعتبر الهند موطنه الأصلي، ويتغذى من طفيليات تتغذى على إفرازات تنتج هذا المزيج المميز.
وتوجد أشجار “الراتنج” والبخور في أكثر من موطن، مثل كمبوديا، فيتنام، لاوس، سنغافورة، إندونيسيا، ماليزيا، تايلاند، إلا أنها تواجه خطر الانقراض بسبب ندرتها،
وغلاء ما تنتجه، ووعورة المسالك والطرق في البيئات التي تعيش فيها، حيث أصبحت هذه المواد بفضل ندرتها من أغلى المواد، ويصل ارتفاع أسعارها في بعض الأوقات بنسبة 500%.
وفيما يتعلق بجودة ونوعية العود، فإن أسعار كيلو البخور تبدأ بمبالغ عشرة آلاف دولار، وقد تصل بسبب ندرتها وجودتها إلى مبالغ تصل إلى 100 ألف دولار للكيلو.
وتعتبر منطقة الخليج من أهم المناطق التي تستهلك هذه المادة العطرة، إن كان دهن العود، أو البخور، حيث أن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر مناطق استهلاك هذه المادة، فتقوم بصرف ملايين الدولارات سنويا لتوفير العود، لتعطير وتطيب الحرمين الشريفين وفقا لسكاي نيوز.
تتسلق الماعز في المغرب عادة شجرة الأركان لتبصق نوى الثمار بينما تستمتع بقضم الأوراق، الأمر الذي يفيد في إنبات الأشجار الجديدة. وبالإضافة إلى ذلك، يلتقط الرعاة نوى ثمار الأركان المتساقطة من فم الماعز لجني البذور المرة بعد تكسير نوى ثمار الأركان. فسيحصلون منها على زيت بذور الأركان فيقومون بتكريره، ومن ثم يحصلون على زيت يستخدم في صنع مستحضرات التجميل والطبخ.
وفي الوقت الحاضر، أصبح منظر “شجرة الماعز” منظرا فريدا لا يمكن للسياح القادمين من جميع أنحاء العالم تفويته، مما يجلب منافع اقتصادية كثيرة لأهالي تلك المنطقة.
وفي سياق متصل على طول الأراضي الممتدة بين مدينتي الصويرة وأكادير في الجنوب المغربي، تتعالى سامقة أشجار “أركان” التي لا تنبث إلا في تربة هذا الجزء من العالم، و تنتج ثمارها على ندرتها زيتا يطلق عليه أهل الطب والعلاج التجميلي “الذهب السائل” لما يحويه من فوائد جمة.
فلا يكاد ينتصف شهر تموز/ يوليو حتى تدب في الحقول حركة غير اعتيادية، فتهجر النسوة الأمازيغيات رغم الحر القائظ بيوتهن، ليبدأ موسم قطاف حبات “أركان”.
الأرواق الشوكية وعلو الشجرة ويقينهن من أن حصاد يوم كامل ليس غير جرة صغيرة من زيت أركان، كل ذلك لا يمنع القرويات الأمازيغيات من مواصلة العمل طوال اليوم، فالشجرة بعد أن ذاع صيتها أضحت مصدر رزق لعدد منهن، و حرفة احتكرنها دون الرجال.”
أعداد أشجار أركان محدود وكل شجرة تقطع من الصعب تعويضها، تعمر هذه الأشجار حوالي 200سنة وتقاوم قلة المطر وحرارة الأجواء في الجنوب المغربي”.. تقول عائشة (36 سنة) وهي تستعرض ما جنته من ثمرات بعد نصف يوم من العمل في الحقل.
فبعد العودة إلى البيت، ستعمل عائشة على تكسير حبات أركان لاستخراج نواتها التي تنضح بالزيت، تقوم بتحميصها في “كانون البيت”(موقد الحطب الذي تستعمله الأمازيغيات في الطبخ) وبعدها تستعين برحاها الحجرية ، تديرها ببطء بيدها اليمنى بينما باليسرى تستمر في إضافة حبات أركان المحمصة،
لا يشرق وجهها ابتهاجا إلا حين تلمح أولى قطرات الزيت تنسل من بين فكي الرحى الحجرين، ولا يتوقف الرحى عن الدوران إلا حين تمتلأ جرتها بالزيت.
شجرة أركان صنفتها منظمة اليونيسكو إرثا طبيعيا سنة 1999، ويعد زيتها من أندر الزيوت في العالم وذو قيمة صحية وعلاجية كبيرة حسب عدة أبحاث أنجزها مختصون مغاربة وأجانب.
وباءت محاولات عدة للاستنبات هذه الشجرة في أراض خارج الجنوب المغربي بالفشل، ما يجعلها أحد الرموز المعبرة عن هوية المنطقة وإرثا طبيعيا تدعو عدة جمعيات أهلية للحفاظ عليه وحمايته والمساعدة على تطويره.
وبعد الإقبال الواسع الذي حظيت به منتوجات شجرة أركان، انتشرت في القرى وفي الداوير (قرى صغيرة بالدارجة المغربية) بالقرب من مدينة الصويرة، تعاونيات نسوية تساعد النسوة على تطوير منتوجاتهن لتضمن لهن دخلا قارا، وتسهل عليهن عملية القطاف واستخراج الزيت من نوى اركان،
أما داخل التعاونيات فلا يقل حماسهن عن ذاك الذي يشعنه في الحقول، أغان وأهازيج أمازيغية و أحاديث لا تنتهي عن أحوال “الدُوارْ” وأهله، وعن توقعات بعض العارفات بما سيجود به محصول السنة.
و”سبينوزا أرغانيا” الاسم العالمي لشجرة أركان، التي تقدر الإحصاءات أن المغرب يتوفر على ما يقارب 20 مليون شجرة منها، وكل شجرة تقطع أو تتلف فمن الصعب تعويضها، حيث تحتاج شجرة أركان لسنوات حتى تصبح قادرة على إنتاج ثمارها.
“نستعمل زيت أركان في كل مناحي حياتنا في الطبخ وفي العناية بالبشرة وعلاج بعض الأمراض.. ولا نحس بطبيعته النادرة التي يتحدث عنها كل غريب عن المنطقة”..تقول عائشة ، وقد امتلأت جرتها بالزيت، فتغلقها بإحكام، وتبحث لها عن مكان آمن، في أدراج مطبخ المنزل، فزيت أركان -على ما تقول- “ذهب سائل يحبه الغرباء”.