عمرها ملايين السنوات.. غابة متحجِّرة أثرية تواجه مخاطر النهب والتخريب في دولة عربية
عمرها ملايين السنوات.. السودان.. غابة متحجِّرة أثرية تواجه مخاطر النهب والتخريب في دولة عربية
الغابة المتحجرة تقع في قلب المناطق الأثرية الشهيرة بشمال السودان بالقرب من مدينة الكرو الأثرية
لا يظنن أحد من الناس أن تلك الأشجار الضخمة مجرد صخور حجرية تناثرت فوق الكثبان الرملية بغير هدى. لأنّها ببساطة كنز أثري لا يُقدّر بثمن،
وإحدى الظواهر الطبيعية النادرة بالتراث الإنساني العالمي. فقرب تلك الأشجار الأسطورية التي صارت غابة متحجرة اليوم، جلس الملوك والأمراء وكبار القادة الكوشيين، منذ عهد بعانخي- كما يؤكد رواة التاريخ – يخططون ويدبرون أمرهم فيما بينهم كيف تدين لهم الدنيا وكيف يبسطون مجدهم وسلطانهم على أرجاء العالم القديم؟
الغابة المتحجرة.. أين تقع؟
الغابة المتحجرة تقع في قلب المناطق الأثرية الشهيرة بشمال السودان، بالقرب من مدينة الكرو الأثرية، وتعتبر إحدى أهم المقابر الملكية في عهد مملكة كوش، حيث تضم حوالي 55 هرماً، معظم هذه الأهرامات تعود للفترة بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد. تم تسجيل الموقع في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 2003 كجزء من جبل البركل المقدس ومواقع المنطقة الكوشية أو النوبية القديمة.
د. حباب إدريس كبير مفتشي الآثار بالهيئة القومية للآثار والمتاحف بالسودان قالت لـ”العربية.نت”، إن الكرو الأثرية من أهم المزارات السياحية بالسودان، وتعتبر أول مدافن الملوك الكوشيين، وعلى رأسهم بعانخي أعظم حكام مملكة كوش، وتلك المدافن الملكية عليها رسومات ونقوش وطلاسم ورموز ملونة، والمثير للإعجاب – كما تشير د. حباب – أن تلك الرسومات ما زالت محتفظة بألوانها طازجة كأنها نقشت اليوم ولم تتصرم عليها السنون.
كيف تكونت الغابة المتحجرة؟
أما كيف تكونت تلك الغابة المتحجرة، فتقول د. حباب لـ”العربية.نت”، إن الغابة المذكورة تكونت منذ ملايين السنين، نتيجة التعرض لعوامل تغيير مفاجئة قادت إلى تحجرها، وتلك العوامل قد تكون عملية انتقال سريعة وبدون تدرج منطقي من درجات حرارة مرتفعة أشبه بنيران تلظى إلى درجات برودة شديدة تفوق أعلى درجات الطقس في قمة ليالي الشتاء زمهريرا. كما توجد تأويلات وتفاسير كثيرة لكيفية تكوين تلك الغابة.
والأغرب أن تلك الأشجار لم تتعرّض جذوعها للتحجر وحدها، إنما تحجّرت ثمار تلك الأشجار الضخمة ورؤوس حيوانات نافقة كذلك.
كنوز أثرية مهملة.. لماذا؟
تلك الأشجار ذات الثمار المتحجرة التي تعد واحدة من معالم الحضارة الكوشية أو النوبية القديمة، الضاربة في جذور التاريخ بين حضارات العالم القديم، ملقاة في العراء دون سور أو حراسة أو حتى كاميرات مراقبة تقيها شرور السرقة والتخريب والإهمال.
تقول د. حباب لـ”العربية.نت”، إن الأشجار المتحجرة ذات الأطوال والأحجام المتباينة ساقطة على الأرض، ما يجعلها عرضةً لعمليات السرقة والتخريب، ففي السابق كان هناك من يقومون بالاستيلاء على المتبقي من الثمار المتحجرة لاستخدامها في المباني وتزيين الحدائق المنزلية والعامة، دون إدراك قيمتها الأثرية النادرة.
نسجت حولها الأساطير والحكايات.. كيف؟
أحد مواطني المنطقة ذكر لـ”العربية.نت” أن الغابة المتحجرة بالكرو من المعالم الأثرية المهمة، ونُسجت حولها الأساطير والحكايات دون أن تحظى بما تستحق من اهتمام سواءً بالدراسات والبحوث الأثرية، لأنها يمكن أن تعطي مؤشرات قوية ومرشداً لفهم طبيعة المنطقة ودراسة نمط الحياة لتحديد الحقبة التاريخية التي تحورت فيها الغابة بشكل دقيق، أو حتى بوسائل الحماية، حتى لا تتعرّض للسرقة أو التخريب، بقصد أو بدون قصد جنائي، ومما يُؤسف له أن قطعاً أثرية نادرة كثمار الأشجار ورؤوس الحيوانات المتحجرة اختفت دون أن يُعرف لها أثر.