مدارس إمام خطيب والمدارس العادية والفرق بينهما في تركيا
تركيا هاشتاغ / مدارس إمام خطيب والمدارس العادية والفرق بينهما في تركيا
مدارس “ثانوية إمام خطيب” (بالتركية: İmam hatip lisesi) واختصارها “İHL” هي مؤسسة رسمية للتعليم الثانوي في تركيا (والتعليم الإعدادي) تهدف إلى تنشئة وتوفير الأئمة والدعاة، وهي تُعتبر “مدارس مهنية” في النظام التركي العلماني لتخريج موظفين حكوميين للعمل بالمساجد والإدارات الدينية الإسلامية، وهي امتداد للتعليم الديني في دولة الخلافة العثمانية إذ تُشير وثائق الأرشيف العثماني إلى أن الذين كانوا يَؤُمُّون الناس في المساجد بصورة رسمية كان يُطلق عليهم اسم “المُصلِّي”، أما “الأئمة” فكانوا مسئولين عن الأحياء السكنية وأمور القضاء فيها والتنسيق بين أبناء الحي وكانوا على مستوىً عالٍ من العلم والثقافة.
تعمل مدارس إمام خطيب تحت “الإدارة العامة للتربية الدينية” (بالتركية: Din Eğitimi Genel Müdürlüğü) التابعة “لوزارة التربية الوطنية” (بالتركية: Milli Eğitim Bakanlığı) في تركيا، وتُعتبر مدارس إمام خطيب من الناحية الرسمية “مدارس مهنية”، ولكن نتائج بعض البحوث كشفت أن النظرة السائدة في المجتمع التركي لها هي “أنها مؤسسات تعليمية مُدعمة بالثقافة الدينية” وليست “مدارس مهنية”.
مدارس “أناضول” إمام خطيب هي المدارس التي تقدم بالإضافة إلى المناهج الدينية الإسلامية، تعليم مكثف للغة أجنبية (غالبا ما تكون الإنكليزية أو الروسية) وللمواد العلمية كالفيزياء والكيمياء والرياضيات.
ينقسم التعليم في تركيا إلى 4 سنوات تعليم بالمدارس الابتدائية (بالتركية: ilkokul)، ثم 4 سنوات تعليم بالمدارس المتوسطة (الإعدادية) (بالتركية: orta okulu)، يليها 4 سنوات تعليم بالمدارس الثانوية (ليسيه) (بالتركية: lise). تتوفر مدارس إمام خطيب في مرحلتي الدراسة المتوسطة (الإعدادية) والثانوية فقط. بعد سنوات التعليم الابتدائي الأربع التي يدرس فيها التلاميذ من الجنسين في فصول مشتركة، يُقبل الطلاب بدئاً من الصف الخامس للالتحاق بمدارس إمام خطيب، حيث يدرس فيها الفتيات والفتيان في فصول دراسية منفصلة، أو في مدارس منفصلة.
في مدارس إمام خطيب الثانوية، يتم تدريس المناهج الدراسية الثانوية العادية، بالإضافة إلى المواد المتعلقة بالدين الإسلامي والتربية الدينية على أساس مبادئ المذهب السني.
مر التعليم الديني الإسلامي بمراحل مختلفة بعد إلغاء الخلافة العثمانية، فبعد أن كان الهدف الرئيسي للتعليم خلال عهد الإمبراطورية العثمانية هو تربية “المسلمين الصالحين” وكان لذلك مدارس إسلامية تُسمى: “مدرسة”، تم إلغاء حق الملل المختلفة تعليم أبنائها، وتم إقرار نظام تعليمي علماني قومي موحد، ثم مر التعليم الديني بفترات شديدة بين إغلاق ومنع وتقييد طلبة المدارس الدينية من إكمال الدراسة في الجامعات.
يُمكن اعتبار أن “مدرسة الأئمة والخطباء” بعد دمجها مع “مدرسة الواعظين” وافتتاح “مدرسة الإرشاد” في 1913م ثم إلغائها في 1924م بسقوط الخلافة العثمانية، هي الجذر الذي امتد ليصبح “مدارس إمام خطيب” الثانوية في تركيا المعاصرة.
تم تأسيس مدارس إمام خطيب كمدرسة مهنية لتدريب الأئمة للعمل في الحكومة؛ بعدما تم إلغاء المدارس الإسلامية في تركيا بموجب “قانون توحيد التعليم” (بالتركية: Tevhid-i Tedrisat Kanunu) كجزء مما يُعرف “بإصلاحات أتاتورك” التي أراد بها تحييد الحياة الإسلامية عن تركيا وصبغها بالعلمانية.
أدت الضغوط التي تمارسها بعض الحكومات وبعض المؤسسات ذات الصبغة العلمانية إلى تراجع أعداد المقيدين بمدارس الأئمة والخطباء، فبعد أن كان الرقم يقارب نصف مليون طالب وطالبة في منتصف التسعينيات وصل العدد في عام (1421هـ/2000م) إلى 224,134 ألف طالب فقط. وقد حظيت ثانويات الأئمة والخطباء التركية بالجدل والاهتمام الإعلامي عندما تبين أن معظم أعضاء البرلمان التركي من حزب الرفاه (المحظور) وحكومته عام (1417 هـ/1996م) كانوا من خريجي هذه المدارس، واستمر الجدل أكثر حرارة مع تكرار نفس الموقف مع أعضاء البرلمان وحكومة حزب العدالة والتنمية.
ارتفع معدل الالتحاق بمدارس إمام خطيب عام 2002م إلى حوالي 60,000 طالب وطالبة، ثم جاءت إصلاحات التعليم التي أقرَّتها حكومة حزب العدالة والتنمية في مارس 2012م، فارتفع هذا العدد مرة أخرى بحلول عام 2017م إلى أكثر من 1.1 مليون، أي حوالي 10٪ من جميع طلاب المدارس العامة بتركيا.
ترى الموسوعة الإسلامية التركية (بالتركية: İslâm Ansiklopedisi) التابعة لوقف الديانة التركي (بالتركية: Türkiye Diyanet Vakfi) TDV، أن هذه المدارس تؤدي دورا بارزا في مواجهة البدع والخرافات المنتشرة بالمجتمع التركي، وشجعت الأهالي على إرسال بناتهم للتعليم لعدم وجود اختلاط في مقاعد الدراسة بين البنين والبنات، وفي نفس الوقت ساهمت في برامج تحديث تركيا والحفاظ على القيم والمبادئ المعنوية والروحية وشكل الهوية القومية التركية، كما أصَّلت مفاهيم الوحدة والتضامن والأخوة بين الأتراك على الصورة التي يطالب بها الإسلام.