أكتشاف كنز من الذهب النادر في أوروبا يقدر بملايين الدولارات يحتوي على درهم عربي
بعد ساعتين من البحث في حقل على جزيرة روغن الألمانية في شهر كانون الثاني/يناير الماضي أعطى جهاز الكشف عن المعادن لفتى لا يتجاوز عمره الـ 13 ورفيق له من هواة البحث عن الآثار يدعى رينه إنذاراً بوجود معدن، وعندما استخرجا قطعة معدنية، ظن الفتى أنها من نفايات الألمنيوم فحسب، إلا أنه تبين لهما في المنزل أنها عملة فضية، حُدد عمرها لاحقاً بقرابة 1000 عام، وكانت جزءاً من كنز منسوب إلى أحد أشهر ملوك الدنمارك.
“كانت والدتي أول من أخبرته بالأمر.. لقد كتبت جزءاً من التاريخ”، يقول الفتى لوكا مالاشنيشنكو فخوراً لصحيفة “بيلد” الواسعة الانتشار.
وبعد أن تم إخبار السلطات بأمر العملة، تم التكتم على أمر العثور على القطعة عمداً منذ شهر كانون الثاني/يناير حتى شهر أبريل/نيسان.
وعندما بدأ مختصون بالآثار بالتنقيب في منتصف الشهر الحالي في قطعة أرض تبلغ مساحتها 400 متر مربع، عثروا على كنز مذهل من الحلي يضم أطواقاً وأساور ولؤلؤاً وأقراطاً والمئات من العملات الفضية.
ويعتبر رينه الآن أنه وجد “لقية حياته”. فيما يقول الفتى لوكا إنه عثر على أكبر كنز سبق وأن وجده أو سيجده. ورافق الاثنان المختصين وشاركاهم البحث عن الآثار واستخراجها.
وبحسب تلفزيون “في دي إر” تمكن علماء الآثار من تحديد الفترة التي دُفن فيها الكنز بشكل دقيق نسبياً، إذ يعيد المشرف على الحفر ميشائيل شيرن من المكتب المحلي للثقافة والحفاظ على الآثار بولاية مكلنبورغ فوربومرن إلى آواخر العقد 980 بعد الميلاد.
إذ تعود 100 عملة فضية من بين تلك التي عُثر عليها في المكان إلى عهد ملك الفايكنغ الشهير هارالد بلوتوث (بلاوتزان بالألمانية)، الذي يُعد مؤسس المملكة الدنماركية، وكان ذا شأن كبير إلى حد جعل موظفاً سابقاً في شركة إريكسون السويدية للهواتف المحمولة يسمي تقنية نقل البيانات على اسمه، لذا ما زال اسمه حاضراً في عصرنا الحالي رغم مرور مئات الأعوام من وفاته.
وعاش الملك بلاوتزان بين عامي 910 و987 للميلاد، وحقق إنجازات هامة إذ وحد الدنمارك، واستقدم الديانة المسيحية إليها واتخذتها ديانة رسمية. إلا أنه فشل من الناحية الشخصية إذ خسر في معركة مع ابنه سفين غابلبارت في العام 986 وتوجب عليه الهرب.
ويعتقد المؤرخون أنه وفيما كان فاراً دفن ثروته في شمال غرب جزيرة روغن، التي عُثر على الكنز عليها. ويتوقع ماتياس س. توبلاك الخبير في “الفايكينغ” أن لا يكون الكنز عائداً للملك نفسه، بل لشخص غني من الدائرة المحيطة به.
ويقول شيرن لموقع شبيغل أونلاين، إن للقطع الآثرية التي عُثر عليها أهمية في السياق الأوروبي لأنها تظهر العلاقات واسعة النطاق لمالكها، لأنها تضم عملات من بريطانيا ومن المنطقة العربية ومن أفغانستان.
وتضم العملات المكتشفة درهماً عربياً فضياً من دمشق، عائداً لمطلع القرن الثامن، ما يشير إلى العلاقات التجارية الواسعة للفايكنيغ مالك الكنز، بحسب موقع “فوكوس”.
وتعود ملكية ثروة الملك هارالد بلاوتزان إلى ولاية مكلنبورغ فوربومرن، بحسب تلفزيون “في دي إر”. لذا ينبغي على من يجد كنزاً تسليمه للسلطات بحسب قانون حماية الآثار، ويعد الاحتفاظ به أمراً غير قانوني.
وكان الفتى والرجل اللذين عثرا على الكنز من أعضاء فريق تطوعي لهواة البحث عن الآثار.
وكانت قيمة الكنز البالغ وزنه 1.5 كيلو غرام ( 99% منه من الفضة) ثمن 5 أحصنة في ذلك الوقت، و650 يورو حالياً، إلا أنه لا يُقدر بثمن من حيث قيمته التاريخية.
ولا يبدو الفتى المحظوظ لوكا قد اكتفى ويريد التوقف عن التنقيب، بعد مساهمته في العثور على هذا الكنز، بل يبدي عزمه مواصلة البحث عن الآثار، مبيناً أن العثور حتى على عملة واحدة لأمر يسعده، ولا يجب أن يكون الأمر متعلقاً بكنز دائماً.
ولا يعود ذلك طمعاً بالمال أو الجوائز إذ لا يحصل المرء على مكافأة عند العثور على اللقى التاريخية، على عكس العثور على أموال مثلاً على الطريق.