عمرها 2000 عام.. اكتشاف أقدم قطعة أثرية كانت تستخدم في رسم الوشم مصنوعة من اوراق النباتات
الوشم شكل فني وطريقة تعبير مشتركة للعديد من ثقافات الشعوب في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك فنحن لا نعرف إلا القليل عن بداية نشأة هذه الممارسة أو لماذا بدأت.
وفي دراسة نشرت مؤخرا في مجلة علم الآثار، كشف باحثون في جامعة ولاية واشنطن الأميركية أقدم قطعة أثرية كانت تستخدم في رسم الوشم في غرب أميركا الشمالية.
صُنعت الأداة المكتشفة قبل حوالي 2000 سنة، في فترة الإنسان “صانع السلال” التي عاش فيها أجداد شعب “بيبلو” في ما يعرف الآن بجنوب شرق ولاية يوتا. وتتكون القطعة الأثرية المكتشفة من قطعتين متماثلتين مدببتين مصنوعتين من أوراق نبات الصبار، ومقبض مصنوع من نبات السماق مع رباط من أوراق نبات اليوكا.
وتعد الأداة المكتشفة أقرب دليل على ممارسة الوشم في غرب أميركا الشمالية، وتمنح العلماء لمحة نادرة عن حياة أناس اندثرت معظم عاداتهم وثقافتهم.
فهم التقاليد العتيقة
يقول أندرو غلبرت الباحث الرئيسي في الدراسة -في تصريح للجزيرة نت- إن أداة الوشم هذه توفر معلومات عن الثقافة الجنوبية الغربية السابقة التي لم نكن نعرفها من قبل، ولها أهمية كبيرة لفهم كيفية إدارة الناس العلاقات وكيف تم وضع الوشوم في وقت كانت الكثافة السكانية فيه في تزايد في الجنوب الغربي الأميركي، وهو المعروف أيضا باسم التحول الديموغرافي للعصر الحجري الحديث.
وأضاف أن “الوشوم هي علامة دائمة سيحملها الأفراد معهم في أي مكان ذهبوا إليه، وهذا يجعلها مختلفة جدا عن غيرها من زخرفة الجسم وممارسات الزينة”.
وعن أهمية الدراسة، يؤكد غلبرت أن من المهم تحديد أقدم حالات الوشم، لأنها تسمح لنا بفهم الأسباب الكامنة وراء تعديل الجسم، وكيف تغير ذلك بمرور الوقت. ويسلط هذا البحث الضوء على أدوات الوشم وأهمية التقاليد الأصلية التي تم قمعها تاريخيا بعد وصول الأوروبيين إلى أميركا الشمالية.
كما استُخدم الوشم في بعض الأحيان كطريقة لإظهار أشياء، مثل مدى تجربة الشخص (عمره) أو الجنس أو العرق، وتعبيرا عن العادات والتقاليد والأديان. لا نعرف حقا كيف كان يمكن للناس أن يميزوا النوع في الماضي من خلال الوشم، لكن يمكن أن يمنحنا الوشم فهما لتنوع المجموعات البشرية المختلفة في الماضي، وفق الباحث الرئيسي.
تقنيات متقدمة
وأجرى الباحثون مراجعة شاملة للبيانات الإثنوغرافية (وصف الأعراق البشرية) والتاريخية، واستخدموا عدة أنواع مختلفة من التقنيات والأساليب لتحديد تاريخ الأداة وتحليلها بدقة. ووضع مؤلفو الدراسة خطة بحث مفصلة لاختبار فرضيتهم عن أصل الأداة المكتشفة، فتم وضعها مرة تحت المجهر المغناطيسي من أجل فحص الهياكل النباتية المجهرية للنباتات المستخدمة في تركيب القطع الأثرية التي يتم تحديدها.
وفي تجربة أخرى تم تصوير الجسم أيضا من خلال مجهر إلكتروني، لمسح التلف المجهري الذي قد يكون ناتجا عن الاستخدام الأصلي للأداة من صانعها، وكذلك للبحث عن تراكيب بلورية محتملة قد تشير إلى أصول التلوين الأسود على أطراف فقرات الصبار.
واستخدم الباحثون طيف الأشعة السينية المحمولة وأجهزة التحليل الطيفي للأشعة السينية المشتتة لفحص المادة الكيميائية في إبر الصبار. وكشفت هذه التقنيات معا أن اللون الأسود الذي عثر عليه على أجزاء من الأداة كان نتيجة صبغة أساسها الكربون على الأغلب.
وأشار الباحثون إلى أن الأبحاث الإثنوغرافية بين الأميركيين الأصليين الذين كانوا يعيشون في غرب أميركا الشمالية، كانت قد وثقت استخدام الأصباغ القائمة على الكربون في الوشم.