عمرها 9 قرون.. اكتشاف صرح اسلامي في دولة عربية يعود تاريخه الى حقبة الأتابكة الإسلامية
بعد عقود من الانتظار والبحث الدقيق، كشفت عمليات التنقيب تحت الأرض في جامع النوري الكبير بالموصل عن اكتشافات مذهلة تعكس عمق التاريخ والحضارة في هذه المنطقة الحيوية من العالم الإسلامي. فقد انكشفت أطلال مصلى يعود للعصور الوسطى، تحت الأرض التي نشأ عليها المصلى الحالي بمساحة تجاوزت توقعات الباحثين. وليس هذا وحسب، بل اكتشفت أيضًا مجموعة من الغرف المتصلة تحت سطح الأرض، تضم أماكن للوضوء وحتى مكتبة، تنبعث منها روح العلم والدين التي عمت المنطقة قرونًا مضت.
جامع النوري الكبير، الذي يُعَد رمزًا للحضارة الإسلامية في الموصل، يروي قصة طويلة من الابتكار والعبقرية الهندسية. فقد بني في عهد الدولة الأتابيكية قبل نحو تسعة قرون، وما زالت أثاره العريقة تشهد لهذا العمل العظيم. ورغم أن الجامع تعرض لأضرار جسيمة في الحروب الأخيرة، إلا أن عمليات الترميم والتنقيب أعادت إليه بعضًا من بريقه الأصلي.
خلال عمليات التنقيب، كان الباحثون يسعون للعثور على الأصول الأصيلة للمسجد، ولكنهم اكتشفوا أكثر مما كانوا يتوقعون. فوجدوا المصلى القديم، الذي يعود للفترة الأتابيكية، مدفونًا عميقًا تحت أرضية المصلى الحالي، مما يبرز عظمة التصميم والبناء في ذلك العصر.
ولكن لم يقتصر الاكتشاف على ذلك، بل امتدت الغرف المكتشفة تحت الأرض كشاهد على الحياة اليومية في ذلك العصر البعيد. إذ كانت تحتوي على أحواض مياه مبنية بعناية للوضوء، بالإضافة إلى مكتبة تشير إلى اهتمام المجتمع بالمعرفة والتعلم.
هذه الاكتشافات ليست مجرد قطع أثرية، بل هي نوافذ تطل على ماضٍ عظيم وحضارة غنية، تجسدت في معالم مادية يعجز الكلام عن وصفها. ومع استمرار جهود التنقيب والترميم، يتجدد الإعجاب بقدرة الإنسان على بناء عالم يشهد له الزمن بالبقاء والروعة.